من حيث لا يشعر فخص ذلك بالمجتهدين، بل نسبه إلى جمع منهم مؤذنا بزيادة ضعفه وتمريضه.
ولا يخفى أنه على تقدير ما ذكره لا يبلغ تكسير الكر إلى القدر الذي اعتبروه على تقدير اعتبار البعد الثالث في كل الروايات. ولكنه (طاب ثراه) قد بنى ذلك على ما تقدمت الإشارة إليه آنفا (1) من اعتبار الاجتماع في ماء الكر، وبذلك صرح في تعليقاته على شرح المدارك، فقال بعد أن نقل أن المشهور بين الأصحاب حمل لفظ (في) الواقع في روايات هذا الباب على ضرب الحساب، وأنهم استفادوا من التكسير، وفرعوا على ذلك أنه لو كان قدر الكر من الماء منبسطا على وجه الأرض لا ينفعل بالملاقاة - ما لفظه: " وفيه اشكال، وذلك لأن المتبادر من سياق الروايات اعتبار اجتماع أجزاء الماء، وكون عمقه قدرا يعتد به، والاعتبار العقلي مساعد على ذلك، لأنه حينئذ يتقوى بعضها ببعض، وتتوزع النجاسة الواقعة فيه على أجزائه ويؤيده أن الكر في الأصل مكيل معروف لأهل العراق، والعادة في هيئات المكاييل أن يكون لها عمق يعتد به، وبعد التنزل نقول: مع قيام الاحتمال لا مجال للاستدلال على أن اجمال الخطاب يوجب رعاية الاحتياط كما مر تحقيقه " ثم أورد صحيحة محمد ابن مسلم (2) الدالة على السؤال عن غدير ماء مجتمع تبول فيه الدواب وتلغ فيه الكلاب ويغتسل فيه الجنب، قال: " إذا كان الماء قدر كر لم ينجسه شئ " وصحيحة صفوان ابن مهران الجمال (3) المتضمنة للسؤال عن الحياض التي بين مكة والمدينة تردها السباع وتلغ فيها الكلاب وتشرب منها الحمير ويغتسل فيها الجنب ويتوضأ منها. قال:
" وكل قدر الماء؟ قال: إلى نصف الساق وإلى الركبة. فقال: توضأ منه " وصحيحة إسماعيل بن جابر المذكورة في كلامه آنفا (4).