استعمال هذه الألفاظ في تلك المعاني الشرعية في كلام الأئمة (عليه السلام) حقيقة وإن كانت عرفية خاصة لا شرعية، وهو كاف في صحة الاستدلال بها والاعتماد عليها وإنما يظهر الخلاف فيما وقع منها في كلام الشارع من القرآن العزيز أو السنة النبوية، واستقلال القرآن سيما على ما فصلناه آنفا (1) والسنة النبوية من غير جهة نقل الأئمة (عليهم السلام) مما لا يكاد يتحقق في الأحكام، كما لا يخفى على من سرح يريد النظر في المقام. وبهذا يظهر لك ما في إيراد شيخنا أبي الحسن (قد) في بعض مؤلفاته على شيخنا البهائي وصاحب المعالم، حيث إنه قائل بثبوت الحقيقة الشرعية وهما مانعان منه بالأخبار الدالة على الطهارة والنجاسة والحل والتحريم والوجوب والاستحباب مع خلوها من القرائن، حيث قال بعد تقديم الكلام في ذلك:
" على أنا نقول: لو تم ما ذكروه من التشكيك الركيك للزم أن كل ما ادعينا أنه حقيقة شرعية فهو مجاز لا يصار إليه إلا بقرينة، وحينئذ ينسد باب الاحتجاج بأكثر الأخبار المشتملة على هذه الألفاظ العارية عن القرائن المعينة للمراد، وهم لا يلتزمونه، بل هذان الشيخان وغيرهما قد أكثروا من الاحتجاج بأمثال هذه الأخبار على مطالبهم غافلين عما يرد عليهم، وتراهم أكثروا من الاحتجاج على النجاسة والطهارة والحل والتحريم والوجوب والاستحباب بهذه الألفاظ، فهم يأتون في ذلك على المثل السائر:
" الشعير يؤكل ويذم " انتهى. فإن فيه كما عرفت أنه لا خلاف في أن استعمال تلك الألفاظ في المعاني الشرعية في كلام الأئمة (عليهم السلام) حقائق يجب الاعتماد عليها والاستناد إليها وإن كانت عرفية خاصة، وإنما محل الخلاف ومظهره وقوعها في كلام الشارع، أما مجردة عن القرينة فعند من يقول بثبوت الحقائق الشرعية بحملها على ذلك