وجاز أن يضمر، وإن لم يجر له ذكر، لان الحال تدل عليه، ويكون تقديره بالاسراف جاريا مجرى قوله في أكل مال اليتيم " ولا تأكلوها إسرافا وبدارا أن يكبروا " (1) وإن لم يجز أن تأكل منه لا على الاقتصاد ولا على غيره، لقوله " إن الذين يأكلون أموال اليتامى ظلما إنما يأكلون في بطونهم نارا " (2) فحظر أكل مال اليتيم حظرا عاما وعلى كل حال، فكذلك لا يمتنع أن يقال للقاتل الأول لا تسرف في القتل، لأنه يكون بقتله مسرفا، ويؤكد ذلك قوله " يا عبادي الذين أسرفوا على أنفسهم " (3) فالقاتل داخل في هذا الخطاب - بلا خلاف - مع جميع مرتكبي الكبائر، ويكون الضمير على هذا في قوله " انه كان منصورا " على قوله " ومن قتل مظلوما " (وتقديره، فلا يسرف القاتل الأول بقتله في القتل، لان من قتل مظلوما كان منصورا) (4) بأن يقتص له وليه أو السلطان إن لم يكن له ولي غيره، فيكون هذا ردعا للقاتل عن القتل، كما أن قوله " ولكم في القصاص حياة " (5) كذلك، فالولي إذا اقتص، فإنما يقتص للمقتول، ومنه انتقل إلى الولي بدلالة أن المقتول يبرئ من السبب المؤدي إلى القتل، ولم يكن للولي أن يقتص، ولو صالح الولي من العمد - على مال كان - للمقتول أن يؤديه منه دينا عليه أن يقتص منه دون المقتول، ولا يمتنع أن يقال في المقتول منصور، لأنه قد جاء قوله " ونصرناه من القوم الذين كذبوا بآياتنا ".
والآخر - أن يكون في يسرف ضمير الولي، وتقديره فلا يسرف الولي في القتل، وإسرافه فيه أن يقتل غير من قتل أو يقتل أكثر من قاتل وليه، لان مشركي العرب كانوا يفعلون ذلك، والتقدير فلا يسرف في القتل ان الولي كان منصورا بقتل قاتل وليه. والاقتصاص منه.
ومن قرا بالتاء احتمل أيضا وجهين: