أحدهما - ان الأغلب عليهم من ليس بجواد، ومن مقتصد أو بخيل، فجاز تغليب الأكثر.
والثاني - أنه لا أحد إلا وهو يجر إلى نفسه نفعا بما فيه ضرر على الغير، فهو بخيل بالإضافة إلى جود الله تعالى.
قوله تعالى:
ولقد آتينا موسى تسع آيات بينات فسئل بني إسرائيل إذ جاءهم فقال له فرعون إني لأظنك يا موسى مسحورا (101) قال لقد علمت ما أنزل هؤلاء إلا رب السماوات والأرض بصائر وإني لأظنك يا فرعون مثبورا) (102) آيتان بلا خلاف.
قرأ الكسائي وحده " لقد علمت " بضم التاء. الباقون بفتحها.
حجة من فتح أنه قال: إن فرعون وملأه ممن تبعه قد علموا صحة أمر موسى وأن ما أتى به ليس بسحر بدلالة قوله " لئن كشفت عنا الرجز لنؤمنن لك (1) " وقوله " فلما جاءتهم آياتنا مبصرة قالوا هذا سحر مبين. وجحدوا بها واستيقنتها أنفسهم ظلما وعلوا " (2) وقولهم " يا أيها الساحر ادع لنا ربك " (3) ومن قرأ بضم التاء فمن علم موسى.
فان قيل له كيف يصح الاحتجاج عليهم بعلمه، وعلمه لا يكون حجة على فرعون وملائه، وإنما يكون علم فرعون ما علمه من صحة أمر موسى حجة عليه؟.
نقول: إنه لما قيل له " إن رسولكم الذي أرسل إليكم لمجنون " (4) كان ذلك قدحا في علمه، لان المجنون لا يعلم، فكأنه نفى ذلك، فقال لقد علمت صحة