وقوله " ولا تمش في الأرض مرحا " نهي للنبي صلى الله عليه وسلم والمراد به الأمة أن يمشوا في الأرض مرحين.
وقيل في معنى المرح أربعة أقوال: أولها - انه البطر والأشر. والثاني - التبختر في المشي والتكبر. الثالث - تجاوز الانسان قدره مستخفا بالواجب عليه والرابع - شدة الفرح بالباطل.
وقول " انك لن تخرق الأرض " مثل ضربه الله بأنك يا إنسان لن تخرق الأرض من تحت قدمك بكبرك " ولن تبلغ الجبال " بتطاولك. والمعنى انك لن تبلغ بما تريد كثير مبلغ، كما لا يمكنك ان تبلغ هذا، فما وجه المكابرة على ما هذه سبيله مع زجر الحكمة عنه. وأصل الخرق القطع، خرق الثوب تخريقا أي قطعة ورجل خرق أي يقطع الأمور التي لا ينبغي ان يقطعها. والخرق الفلاة، لانقطاع أطرافها بتباعدها قال رؤبة:
وقائم الاعماق خاو المخترق * مشتبه الاعلام لماع الخفق (1) أي خاو المنقطع، والمرح شدة الفرح، مرح يمرح مرحا، فهو مرح. وقال قتادة: مرحا خيلاء وكبرا. وقوله " ذلك مما أوحى إليك ربك من الحكمة " أي ذلك الذي ذكرناه وقصصناه من جملة ما أوحى إليك يا محمد ربك من الحكمة أي الدلائل التي تؤدي إلي المعرفة بالحسن والقبيح، والفرق بينهما، والواجب مما لا يجب، وذلك كله مبين في القرآن، فهو الحكمة البالغة. ثم نهاه ان يتخذ مع الله معبودا آخر يشركه في العبادة مع الله، فإنك متى فعلت ذلك ألقيت في " جهنم ملوما " أي مذموما " مدحورا " مطرودا - في قول ابن عباس.
قوله تعالى:
(أفأصفاكم ربكم بالبنين واتخذ من الملائكة إناثا إنكم لتقولون