فاتخذتم أنتم منها ما هو محرم عليكم، وتركتم ما هو رزق حسن. واما وجه المنة فبالا مرين معا ثابتة، لان ما اباحه واحله فالمنة به ظاهرة لتعجل الانتفاع به وما حرمه الله فوجه المنة أيضا ظاهر به، لأنه إذا حرم علينا، وأوجب الامتناع منه ضمن في مقابلته الثواب الذي هو أعظم النعم، فهو نعمة على كل حال.
والثالث - إذا كان مشتركا بين المسكر وبين الطعم، وجب أن يتوقف فيه ولا يحمل على أحدهما إلا بدليل، وما ذكرناه مجمع على أنه مراد، وما ذكروه ليس عليه دليل، على أنه كان يقتضي أن يكون ما اسكر منه يكون حلالا، وذلك خلاف الاجماع، لأنهم يقولون: القدر الذي لا يسكر هو المباح، وكان يلزم على ذلك أن يكون الخمر مباحا، وذلك لا يقوله واحد، وكذلك كان يلزم أن يكون النقيع حلالا، وذلك خلاف الاجماع.
وقوله " إن في ذلك لآية لقوم يعقلون " معناه إن فيما ذكره دلالة ظاهرة للذين يعقلون عن الله ويتفهمون ويفكرون فيه.
قوله تعالى:
(وأوحى ربك إلى النحل أن اتخذي من الجبال بيوتا ومن الشجر ومما يعرشون (68) ثم كلي من كل الثمرات فاسلكي سبل ربك ذللا يخرج من بطونها شراب مختلف ألوانه فيه شفاء للناس إن في ذلك لآية لقوم يتفكرون) (69) آيتان بلا خلاف.
قرئ " يعرشون " بضم الراء وكسرها، وهما لغتان ومعناه: وما يبنونه من السقوف وقال ابن زيد: يعني الكروم، قال ابن عباس ومجاهد: يعني " وأوحى ربك إلى النحل " ألهما الهاما، وقال الحسن: جعل ذلك في غرائزها اي ما