ولد لكبر سنه وعلو عمره، إنا بشرناك بذلك على وجه الحق والصحيح، وأخبرناك به على وجه الصدق، فلا تكن بعد ذلك من جملة القانطين، يعني الآيسين فأجابهم إبراهيم عند ذلك بأن قال: و " من " الذي " يقنط " أي ييأس " من رحمة " الله وحسن إنعامه، إلا من كان عادلا عن الحق ضالا عن سبيل الهدى، وهذا يقوي قول من قال: إنه راجعهم في ذلك على وجه الاستفهام دون الشك في أقوالهم.
قوله تعالى:
(قال فما فخطبكم أيها المرسلون (57) قالوا إنا أرسلنا إلى قوم مجرمين (58) إلا آل لوط إنا لمنجوهم أجمعين (59) إلا امرأته قدرنا إنها لمن الغابرين) (60) أربع آيات بلا خلاف.
فقال إبراهيم (ع) بعد ذلك للملائكة " ما خطبكم " اي ما الامر الجليل الذي بعثتم له، والخطب الامر الجليل، ومثله ما شأنك، وما أمرك، ومنه الخطبة، لأنها في الامر الجليل، فأجابته الملائكة بأنا " أرسلنا إلى قوم مجرمين " وقوم الرجل: هم الذين يقيمون بنصرته، والنفر الذين ينفرون في مهام الأمور. وقوم لوط هم الذين كان يجب عليهم القيام بنصرته ومعونته على أمره. وقال قوم:
إنه يقع على الرجال دون النساء. والمجرم المنقطع عن الحق إلى الباطل، وهو القاطع لنفسه عن المحاسن إلى المقابح، والمعنى " انا أرسلنا إلى " من وصفنا لنهلكهم، وننزل بهم العقوبة. ثم استثنى من ذلك (آل لوط) وأخبر انهم ينجونهم كلهم، يقال: نجيت فلانا وأنجيته، فمن قرأ بالتشديد أراد التكثير.
ثم استثنى من جملة آل لوط امرأته، وبين انها هالكة مع الهالكين، (وقدرنا) اي كتبنا " انها لمن الغابرين " والغابر الباقي في من يهلك. والغابر الباقي في مثل الغيرة، مما يوجب الهلكة. قال الشاعر: