مع ذلك " عذاب أليم " في النار. ويحتمل أن يكون المراد: لا يحكم الله تعالى بهدايتهم، لأنهم كفار.
ثم اخبر إن الذي يتخرص الكذب، ويفتري على الله، هو الذي لا يؤمن بآيات الله، ويجحدها، وهم الكاذبون، وإنما خص الذين لا يؤمنون بالله بالافتراء.
لأنه لا يردعهم عن الكذب ايمان بالجزاء، " وأولئك هم الكاذبون " على رسوله فيما ادعوا عليه. وقيل: المعنى في ذلك تعظيم كذبهم، كما يقول القائل: هؤلاء هم الرجال.
قوله تعالى:
(من كفر بالله من بعد إيمانه إلا من أكره وقلبه مطمئن بالايمان ولكن من شرح بالكفر صدرا فعليهم غضب من الله ولهم عذاب عظيم) (106) آية بلا خلاف.
نزلت هذه الآية في عمار بن ياسر (رحمه الله) أكرهه المشركون بمكة بأنواع العذاب، وقيل: إنهم غطوه في بئر ماء على أن يلفظ بالكفر وكان قلبه مطمئنا بالايمان، فجاز من ذلك، وجاء إلى النبي صلى الله عليه وسلم جزعا فقال له النبي صلى الله عليه وسلم كيف كان قلبك؟ قال كان مطمئنا بالايمان، فأنزل الله فيه الآية. وأخبر ان الذين يكفرون بالله بعد ان كانوا مصدقين به بأن يرتدوا عن الاسلام " فعليهم غضب من الله " ثم استثنى من ذلك من كفر بلسانه، وكان مطمئن القلب بالايمان في باطنه، فإنه بخلافه. و " من كفر " رفع بما دل عليه خبر الثاني الذي هو قوله " ولكن من شرح بالكفر صدرا " كأنه قيل فعليه غضب من الله، كما تقول من يأتنا فمن يحسن نكرمه، فجواب الأول محذوف كفى فيه الثاني، وقال الزجاج " من كفر " رفع بأنه بدل من قوله " وأولئك هم الكافرون " وقال أبو علي: هذه معاريض يحسن من الله مثلها، ولا يحسن من الخلق إلا عند التقية، قال: إلا أن على أهل العقول أن يعلموا ان الله لم يفعل ذلك الا على ما يصح ويجوز، وليس