رسله، فان الله أهلكهم ودمر عليهم، كقوم هود، ولوط، وثمود، وغيرهم، فان ديارهم عليها آثار الهلاك والدمار ظاهرة.
قوله تعالى:
(إن تحرص على هداهم فإن الله لا يهدي من يضل وما لهم من ناصرين) (37) آية بلا خلاف.
قرأ أهل الكوفة " يهدي " بفتح الياء وكسر الدال. الباقون بضم الياء وفتح الدال، ولم يختلفوا في ضم ياء يضل وكسر الضاد.
فمن فتح الياء وكسر الدال احتمل ذلك أمرين:
أحدهما - انه أراد ان الله لا يهدي من يضله.
والثاني - أن من أضله الله لا يهتدي.
ومن ضم الياء أراد من أضله الله لا يقدر أحد ان يهديه، وقووا ذلك بقراءة أبي " لا هادي لمن أضل الله " واسم الله تعالى اسم (إن) و (يضل) الخبر.
ومعنى اضلال الله - ههنا - يحتمل أمرين:
أحدهما - ان من حكم الله بضلاله وسماه ضالا، لا يقدر أحد ان يجعله هاديا ويحكم بذلك.
والثاني - إن من أضله الله (عز وجل) عن طريق الجنة لا أحد يقدر على هدايته إليها، ولا يقدر هو أيضا على أن يهتدي إليها.
يقول الله تعالى لنبيه صلى الله عليه وسلم " ان تحرص " يا محمد على أن يؤمنوا ويهتدوا إلى الجنة، فهم بسوء اختيارهم لا يرجعون عن كفرهم، والله تعالى قد حكم بكفرهم وضلالهم واستحقاقهم للعقاب، فلا أحد يقدر على خلاف ذلك.
و (من) في الوجهين في موضع رفع، فمن ضم الياء رفعها لأنها لم يسم فاعلها،