" هذا حلال وهذا حرام " وقال الزجاج: قرئ " الكذب " على إنه نعت الألسنة، يقال لسان كذوب وألسنة كذب، وحكي أيضا بكسر الباء ردا على (ما) وتقديره للذي تصفه ألسنتكم الكذب، وهذا إنما قيل لهم لما كانوا حرموه وأحلوه، فقالوا " ما في بطون هذه الانعام خالصة لذكورنا ومحرم على أزواجنا " (1) وقد بيناه فيما تقدم. ثم أخبر عن هؤلاء الذين يقولون على الله الكذب بأنهم " لا يفلحون " أي لا ينجون ولا يفوزون بثواب الله.
وقوله تعالى " متاع قليل " معناه متاعهم هذا الذي فعلوه وتمتعوا به " متاع قليل " ويجوز في العربية (متاعا) أي يتمتعون بذلك متاعا قليلا " ولهم عذاب أليم " أي في مقابلة ذلك يوم القيامة. وقوله " وعلى الذين هادوا حرمنا ما قصصنا عليك من قبل " يعني ما ذكره في سورة الأنعام في قوله " وعلى الذين هادوا حرمنا.. " (2) الآية، في قول قتادة والحسن وعكرمة. ثم أخبر تعالى أنه لم يظلمهم بذلك ولا يبخسهم حظهم " ولكن كانوا أنفسهم يظلمون " بكفرهم بنعمة الله وجحودهم لأنبيائه، فاستحقوا بذلك تحريم هذه الأشياء عليهم لتغيير المصلحة عند كفرهم وعصيانهم.
قوله تعالى:
(ثم إن ربك للذين عملوا السوء بجهالة ثم تابوا من بعد ذلك وأصلحوا إن ربك من بعدها لغفور رحيم) (119) آية بلا خلاف.
يقول الله تعالى إن الذي خلقك يا محمد " للذين عملوا السوء " يعني المعصية " بجهالة " أي بداعي الجهل، لأنه يدعو إلي القبيح، كما أن داعي العلم يدعو إلي