و (مفعال) صفة للمبالغة كقولهم: منجار، ومعطار، ومغزار. ومثله " ومن يتق الله يجعل له مخرجا. ويرزقه من حيث لا يحتسب " (1) ولولا هذا الوعد لما وجب ذلك. واما الثواب على التوبة فمعلوم عقلا.
وقوله " ويزدكم قوة إلى قوتكم ولا تتولوا مجرمين " معنا ان الله تعالى إذا تبتم " يرسل السماء عليكم مدرارا ويزدكم قوة إلى " القوة التي فعلها فيكم، ويجوز ان يريد بذلك تمكينهم من النعم التي ينتفعون بها ويلتذون باستعمالها، فان ذلك يسمى قوة.
وقوله " ولا تتولوا مجرمين " تمام الحكاية عنه أنه قال لقومه لا تتولوا من عصا الله وترك عبادته.
قوله تعالى:
(قالوا يا هود ما جئتنا ببينة وما نحن بتاركي آلهتنا عن قولك وما نحن لك بمؤمنين) (53) آية بلا خلاف.
في هذه الآية حكاية عما قاله قوم هودله حين دعاهم إلى عبادة الله وترك ما سواه بأنهم قالوا له يا هود لم تجئنا ببينة يعني بحجة دالة على صدقك ولسنا نترك عبادة آلهتنا لأجل قولك ولسنا مصدقيك، ولا معترفين بعبادة إلهك الذي تدعي انك رسوله، فالبينة الحجة الواضحة التي تفصل بين الحق والباطل. والبيان فصل المعنى من غيره حتى يظهر للنفس متميزا مما سواه، ويجوز أن يكون حملهم على رفع البينة مع ظهورها أمور:
أحدها - تقليد الآباء والرؤساء فدفعوها لذلك ومنها اتهامهم لمن جاء بها حيث لم ينظروا فيها.