يستسرون به ويخفونه، وان الذين يدعون من دون الله من الأصنام لا يخلقون شيئا، فضلا عن أن يخلقوا ما يستحق به العبادة، وهم مع ذلك مخلوقون مربوبون، وهم مع ذلك أموات غير احياء، وإنما قال أموات غير احياء، لأنها في حكم الأموات في أنها لا تعقل شيئا. وقيل غير أحياء على وجه التأكيد بما صارت به، كالأموات، لأنه قد يقال للحي هو كالميت إذا كان بعيدا من أن يعلم. و (أموات) رفع بأنه خبر ابتداء، والتقدير هن أموات غير احياء، ويجوز أن يكون خبرا عن (الذين) والتقدير والذين يدعون أموات.
وقوله " وما يشعرون أيان يبعثون " اي هم لا يعلمون اي وقت يحشرهم الله للجزاء والحساب، بل ذلك لا يعلمه الا الله تعالى، ومعنى (أيان) متى و (متى) أوضح، لأنه أغلب في الاستعمال فلذلك فسر به (أيان) وهو سؤال عن الزمان كما أن (أين) سؤال عن المكان وقال الفراء: معناه هي أموات فكيف يشعرون متى تبعث يعني الأصنام. قال ويقال للكفار أيضا وما يشعرون أيان يبعثون، و (إيان) بكسر الهمزة لغة سليم قرأها أبو عبد الرحمن السلمي.
قوله: تعالى (إلهكم إله واحد فالذين لا يؤمنون بالآخرة قلوبهم منكرة وهم مستكبرون (22) لا جرم أن الله يعلم ما يسرون وما يعلنون إنه لا يحب المستكبرين) (23) آيتان بلا خلاف.
يقول الله تعالى لعباده ان " إلهكم " الذي يستحق العبادة " إله واحد " لأنه لا يقدر على ما يستحق به العبادة من أصول النعم سواه ثم قال إن الذين لا يصدقون بالآخرة وبالبعث والنشور والثواب والعقاب، تجحد قلوبهم وتنكر ما ذكرناه وهم مع ذلك " يستكبرون " اي يمتنعون من قبول الحق ألفة من أهله.
و (الاستكبار) طلب الترفع بترك الاذعان للحق ثم قال تعالى " لاجرم " اي