انهم اقسموا بالله انا لم نجئ للافساد في الأرض وإنا لم نكن سارقين. والفساد اضطراب التدبير على وجه قبيح، ونقيضه الصلاح. ويقال فسد الشئ إذا تغير إلى حال تضر كفساد الطعام، وغيره من الأمور، وقوله " تالله " التاء بدل من بدل، لأنها بدل من الواو والواو بدل من الباء، فضعفت عن التصرف، فاختصت بدخولها على اسم الله لا غير دون غيره من الأسماء، لأنه لا يقال (تالرحمن) ودخلت التاء في تالله على وجه التعجب، لأنها لما كانت نادرة في حروف القسم جعلت للنادر من المعاني يتعجب منه. وإنما قالوا " تالله لقد علمتم ما جئنا لنفسد في الأرض " مع أنهم لم يعلموا ذلك لامرين:
أحدهما - لما رأوا من صحة معاملتهم وشدة توقيهم لما لا يجوز لهم مما ينبئ عن مقاصدهم.
الثاني - قيل لأنهم ردوا البضاعة التي وجدوها في رحالهم ظنا منهم أن ذلك عن سهو، وهذا لا يليق بحال السراق من الناس. وضعف البلخي هذا الوجه، وقال كيف يكون ذلك وهم لما فتحوا متاعهم وجدوا بضاعتهم ردت إليهم أظهروا السرور به والفرح، وقالوا ما نبغي هذه بضاعتنا ردت الينا فكيف يردونها مع ذلك!.
قوله تعالى:
(قالوا فما جزاؤه إن كنتم كاذبين (74) قالوا جزاؤه من وجد في رحله فهو جزاؤه كذلك نجزي الظالمين) (75) آيتان.
حكى الله تعالى عن أصحاب يوسف انهم قالوا لأهل العير لما سمعوا جحودهم الصواع، وأنكروا ان يكونوا سارقين " ما جزاؤه ان كنتم كاذبين " في جحودكم وإنكاركم، وقامت البينة على انكم سرقتموه، وما الذي يستحق ان يفعل بمن