إلى طاعة الله لا يدل على أنه كان عاصيا قبل ذلك، بل إنه يفيد أنه كان يرجع إلى طاعته في المستقبل، وإن كان على طاعته أيضا فيما مضى، وقال أبو علي: كان يرجع إلى الله في جميع أموره ويتوكل عليه.
قوله تعالى:
(يا إبراهيم أعرض عن هذا إنه قد جاء أمر ربك وإنهم آتيهم عذاب غير مردود (76) آية.
في هذه الآية حكاية ما قالت الملائكة لإبراهيم (ع) فإنها نادته بأن قالت " يا إبراهيم اعرض عن هذا " القول. والاعراض الذهاب عن الشئ في جهة العرض، ويكون انصرافا عنه بالوجه والتفكر.
والإشارة بقوله " عن هذا إلى الجدال، وتقديره يا إبراهيم اعرض عن هذا الجدال في قوم لوط، لان العذاب نازل بهم لا محالة.
وقوله " جاء أمر ربك " يحتمل أمرين: أحدهما - جاء امره لنا بالعذاب.
والثاني - جاء اهلاكه لهم بما لا مرد له.
وقوله " غير مردود " اي غير مدفوع، والرد اذهاب الشئ إلى حيث جاء منه، تقول رده يرده ردا، فهو راد والشئ مردود والرد والدفع واحد، ونقيضه الاخذ. والفرق بين الدفع والرد، ان الدفع قد يكون إلى جهة القدام والخلف، والرد لا يكون إلا إلى جهة الخلف.
قوله تعالى:
(ولما جاءت رسلنا لوطا سئ بهم وضاق بهم ذرعا وقال هذا يوم عصيب) (77) آية بلا خلاف.