أي ولى عرضه، كأنه لم يقبل علينا بالدعاء والابتهال، وباعد عن انعامنا عليه بضروب النعم، فلا يشكرها، كما اعرض عن النعمة بالقرآن.
وقوله: " ونأى بجانبه " أي بعد بنفسه عن القيام بحقوق نعم الله. وقال مجاهد: معناه تباعد منا " وإذا مسه الشر كان يئوسا " يعني إذا لحق الانسان شر وبلاء " كان يئوسا " اي قنوطا من رحمة الله، فقال الله لنبيه صلى الله عليه وسلم قل لهم: " كل يعمل على شاكلته " أي على طريقته التي تشاكل أخلاقه. وقال مجاهد: على طبيعته وقيل على عادته التي ألفها. والمعنى انه ينبغي للانسان ان يحذر إلف الفساد فلا يستمر عليه، بل يرجع عنه. ثم قال: " وربكم اعلم بمن هو أهدى سبيلا " يعني انه عالم بمن يهتدي إلى الحق ممن يسلك طريق الضلال، لا يخفى عليه شئ من أحوالهم.
وأمال حمزة والكسائي " ونأى بجانبه " بكسر النون والهمزة، وأمالوا الياء، وأمالوا النون لمجاورة الهمزة، لأنها من حروف الحلق، كما يقولون: رغيف وشعير وبعير بكسر أولهن. وقرأ ابن عامر " وناء بجانبه " من ناء ينوء، فانقلبت الواو ألفا لانفتاح ما قبلها، ومدت الألف تمكينا للهمزة.
وقرأ أبو عامر عن عاصم وأبو عمرو - في رواية عياش - " ونئي " بفتح النون وكسر الهمزة ممالا ومثل ذلك رأى ورئي، وراء ورأه في القلب، فإذا قالوا فعلت، قالوا رأيت بلا خلاف. وانشد المبرد حاكيا عن أبي عبيد:
أغلام معلل راء رؤيا * فهو يهذي بما رأى في المنام (1) قوله تعالى:
ويسئلونك عن الروح قل الروح من أمر ربي وما أو تيتم من العلم إلا قليلا (85) ولئن شئنا لنذهبن بالذي أوحينا إليك ثم لا تجد لك به علينا وكيلا (86) إلا رحمة من ربك إن فضله