التبيان - الشيخ الطوسي - ج ٦ - الصفحة ١٥٥
وهي تأدية الحق على ما وقع به العقد. والفرق بين الخيانة والغدر أن الخيانة تكون على وجه السر والغدر نقض العهد بخلاف الحق جهرا، والكيد الاحتيال في ايصال الضرر إلى صاحبه، كاده يكيده كيدا، فهو كائد.
واللام في قوله " ليعلم " لام (كي) ومعناها تعليق ما دخلت عليه بالفعل الذي قبله، بمعنى انه وقع من اجله، وإنما يتعلق بذلك الإرادة. وقوله " وان الله لا يهدي كيد الخائنين " اي لا يدعوهم إليها ولا يرغبهم فيها وإنما يفعلونها بسوء اختيارهم.
قوله تعالى:
(وما أبرئ نفسي أنت النفس لامارة بالسوء إلا ما رحم ربي إن ربي غفور رحيم) (53) آية بلا خلاف.
هذا اخبار عما قال يوسف على وجه التواضع لله لست أبرئ نفسي من السوء، والتبرئة إزالة الشئ عما كان لازما له، لان النفس امارة بالسوء اي تنازع إلى السوء، فلست أبرئ نفسي من ذلك، وان كنت لا أطاوعها فيما نازعت إليه، والامارة الكثيرة الامر بالشئ، والنفس بهذه المنزلة لكثرة ما تشتهيه وتنازع إليه مما يقع الفعل لأجله، وهذا مجاز في الأصل غير أنه كثر استعماله في العرف، فيقال نفسي تأمرني بكذا وتدعوني إلى كذا من جهة شهوتي له، والا فلا يصح ان تأمر الانسان نفسه، لأنه يقتضي الرتبة، لأنه قول القائل لمن دونه (افعل) وذلك لا يصح بين الانسان وبين نفسه، وأكثر المفسرين على أن هذا من قول يوسف. وقال أبو علي الجبائي هو من كلام المرأة.
وقوله " الا ما رحم ربي " استثناء من الأنفس التي يرحمها الله، فلا تدعو إلى القبيح، بان يفعل معها من الألطاف ما تنصرف عن ذلك.
(١٥٥)
مفاتيح البحث: الضرر (1)، التواضع (1)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 150 151 152 153 154 155 156 157 158 159 160 ... » »»
الفهرست