" ربنا انك تعلم ما نخفي وما نعلن " اعتراف من إبراهيم لله تعالى بأنه " عز وجل " يعلم ما يخفي الخلق وما يظهرونه، وانه لا يخفى عليه شئ من ذلك مما يكون في الأرض، ومما يكون في السماء مع عظمها وبعد ما بينهما، لأنه عالم لنفسه بجميع المعلومات. وقال قوم: ان قوله " وما يخفى على الله من شئ في الأرض ولا في السماء " اخبار منه تعالى بذلك دون الحكاية.
قوله تعالى:
(الحمد لله الذي وهب لي على الكبر إسماعيل وإسحق إن ربي لسميع الدعاء (39) رب اجعلني مقيم الصلاة ومن ذريتي ربنا وتقبل دعاء (40) ربنا اغفر لي ولوالدي وللمؤمنين يوم يقوم الحساب) (41) ثلاث آيات بلا خلاف.
هذا حكاية من الله تعالى باعتراف إبراهيم (ع) بنعم الله تعالى، وحمده إياه على إحسانه بما وهب له على كبر سنه ولدين: إسماعيل واسحق. وانه اخبر بأن ربه الذي خلقه يجيب الدعاء لمن يدعوه وذلك يدل على أنه كان تقدم منه مسألة لله تعالى أن يهب له ولدا، فلذلك كان مجيبا له. والحمد هو الوصف الجميل على وجه التعظيم لصاحبه والاجلال له وفرق الرماني بين الحمد والمدح بان المدح: هو الوصف للشئ بالخير من جهته على وجه التعظيم له، فعله أو لم يفعله، ولكن كان سببا يؤدي إليه، وليس كذلك الحمد. والذم: نقيض لهما، لأنه الوصف بالقبيح على جهة التحقير. والهبة عطية التمليك من غير عقد مثامنة يقال: وهب له كذا يهبه هبة، فهو واهب. والدعاء طلب الفعل بدلالة القول وما دعا الله (عز وجل) إليه فقد أمر به ورغب فيه، وما دعا العبد به ربه فالعبد راغب فيه، ولذلك لا يجوز ان يدعو الانسان بلعنه ولا عقابه، ويحوز ان يدعو على غيره به. والتقبل أخذ العمل على طريقة ايجاب الحق به مقابلة عليه.
وقال سعيد بن جبير: بشر إبراهيم بالولد بعد مئة وسبعة عشرة سنة.