وقوله " ان يشأ يذهبكم ويأت بخلق جديد " خطاب للخلق واعلام لهم أنه قادر ان شاء ان يميت الخلق ويهلكهم ويجئ بدلهم خلقا آخر جديدا. والاذهاب ابعاد الشئ عن الجهة التي كان عليها، ولهذا قيل للاهلاك إذهاب، لأنه ابعاد له عن حال الايجاد. والجديد المقطوع عنه العمل في ابتداء أمره قبل حال خلو فيه، واصله القطع يقال: جده يجده جدا إذا قطعه، والجد أب الأب، لانقطاعه عن الولادة بالأب، والجد ضد الهزل، والجد الحظ.
" وما ذلك على الله بعزيز " اخبار منه تعالى ان إذهابكم وإهلاككم والاتيان بخلق جديد ليس بممتنع على الله على وجه من الوجوه. والممتنع بقدرته: عزيز، والممتنع بسعة مقدوره عزيز، والممتنع بكبر نفسه عزيز.
وفي الآية دلالة على أن من قدر على الانشاء قدر على الأفناء إذ كان مما لا يتغير حكم القادر، ولا شئ مما يحتاج إليه في الفعل، لان من قدر على البناء، فهو على الهدم أقدر، فمن كان قادرا على اختراع السماء والأرض وما بينهما فهو قادر على إذهاب الخلق وإهلاكهم.
قوله تعالى:
(وبرزوا لله جميعا فقال الضعفاء للذين استكبروا إنا كنا لكم تبعا فهل أنتم مغنون عنا من عذاب الله من شئ قالوا لو هدنا الله لهديناكم سواء علينا أجزعنا أم صبرنا ما لنا من محيص) (21) آية بلا خلاف.
أخبر الله تعالى ان الخلق يبرزون يوم القيامة لله اي يظهرون من قبورهم والبروز خروج الشئ عما كان ملتبسا به إلى حيث يقع عليه الحشر في نفسه، يقال: برز للقتال إذا ظهر له.
وفقال الضعفاء " اي يقول الناقص القوة، لان الضعفاء جمع ضعيف،