يحتمل رفع جنات وجهين:
أحدهما - أن تكون خبر ابتداء محذوف وتقديره هي جنات يدخلونها، كأن قائلا لما قال الله " ولنعم دار المتقين " قال: ما هذه الدار؟ فقيل: هي جنات عدن.
والثاني - أن يكون رفعا بالابتداء وخبره " نعم دار المتقين " وقد قدم الخبر والتقدير جنات عدن " نعم دار المتقين ". ثم وصف هذه الجنات بما فيها، فقال " تجرى من تحتها الأنهار " لان الجنة هي البستان الذي فيه الأشجار، والأنهار تجري تحت الأشجار، وقيل لان انهار الجنة في أخاديد. ثم اخبر ان لهؤلاء الذين دخلوا الجنة لهم فيها ما يشاؤنه ويشتهونه. ثم قال مثل ذلك يجازي الله تعالى الذين يتقون معاصيه، ويعملون بطاعاته. ثم قال " الذين تتوفاهم الملائكة طيبين أي صالحين بأعمالهم الجميلة خلاف من تتوفاهم خبيثين بأعمالهم القبيحة. وأصل الطيبة حال المستلذ من الأطعمة، يقول الملائكة لهم سلا عليكم ادخلوا الجنة جزاء على أعمالكم في الدنيا من الطاعات.
قوله تعالى:
(هل ينظرون إلا أن تأتيهم الملائكة أو يأتي أمر ربك كذلك فعل الذين من قبلهم وما ظلمهم الله ولكن كانوا أنفسهم يظلمون (33) فأصابهم سيأت ما عملوا وحاق بهم ما كانوا به يستهزؤن) (34) آيتان بلا خلاف.
قرأ أهل الكوفة إلا عاصما " إلا أن يأتيهم " بالياء. الباقون بالتاء وقد بينا وجهه، ومعنى قوله " هل ينظرون " ينتظرون، يعني هؤلاء الكفار إلا أن تأتيهم الملائكة، يعني بالموت أو الهلاك، أو يأتي أمر ربك يعني يوم القيامة، ذكره مجاهد وقتادة.
ثم أخبر تعالى ان الذين مضوا - فيما سلف من الكفار - فعلوا مثل فعل هؤلاء من