ثم أخبر مع ذلك أن الله تعالى عليم بمن يصلح أن يجتبى، حكيم في اجتبائه من يجتبيه واضع للشئ في موضعه، وفي غير ذلك من افعاله. قال الفراء: قوله " وكذلك يجتبيك ربك " جواب لقوله إني رأيت أحد عشر كوكبا، فقيل له، وهكذا يجتبيك ربك (فكذلك، وهكذا) سواء في المعنى، وقال ابن إسحاق إنما قص الله تعالى قصة يوسف علي محمد (صلى الله عليه وسلم) ليعلمه أنه بغى عليه أخوته وحسدوه، فيسليه بذلك من بغي قومه عليه وحسدهم إياه.
قوله تعالى:
(لقد كان في يوسف وإخوته آيات للسائلين) (7) آية بلا خلاف.
قرأ ابن كثير وحده " آية للسائلين " على التوحيد الباقون " آيات " على الجمع. قال أبو علي النحوي من أفرد جعل شأنه كله آية. ويقوي ذلك قوله " وجعلنا ابن مريم وأمه آية " (1) فأفرد، وكل واحد منهما على انفراده يجوز أن يقال آية، فافرد مع ذلك، ومن جمع جعل كل واحد من أحواله آية، ومن جمع على ذلك على أن المفرد المنكر في الايجاب يقع دالا على الكثرة كما يكون ذلك في غير الايجاب قال الشاعر:
فقتلا بتقتيل وضربا بضربكم * جزاء العطاش لا ينام من الثار (2) اللام في قوله " لقد " هي اللام التي يتلقى بها القسم. أقسم الله تعالى في هذه الآية أنه كان في يوسف وفي اخوته آيات. والآية الدلالة على ما كان من الأمور العظيمة.
والآية والعلامة والعبرة نظائر في اللغة. وقال الرماني: الفرق بين الآية والحجة:
أن الحجة معتمد البينة التي توجب الثقة بصحة المعنى. والآية تكشف عن المعنى