أحدهما - ان جميع ما يفعله الله على مقدار ما تدعو إليه الحكمة من غير نقصان ولا زيادة، وقال قتادة: معناه كل شئ عنده بمقدار في الرزق والأجل.
والمقدار مثال يقدر به غيره. ثم اخبر تعالى أنه عالم بما غاب عن الحواس وبما ظهر لها فالغيب كون الشئ بحيث يخفى عن الحس، يقال غاب يغيب، فهو غائب. والشهادة حصول الشئ بحيث يظهر للحس ومنه الشاهد خلاف الغائب.
ويقال شهد في المصر إذا حضر فيه. ومنه قوله " فمن شهد منكم الشهر فليصمه " (1) اي من حضر المصر فيه، وإنما قال " عالم الغيب " مع أن الله تعالى لا يغيب عنه شئ، لأنه أراد ما غاب عن احساس العباد. وقيل إنه أراد انه يعلم المعدوم والموجود، فالغيب هو المعدوم. وقال الحسن: الغيب السر، والشهادة العلانية.
وقوله " الكبير المتعال " فالكبير هو السيد المقتدر. ومعناه الأكبر بسعة مقدوره. والمتعالي المقتدر بما يستحيل أن يكون أعلى منه في الاقتدار أو مساويا له، فهو أقدر من كل قادر، ولهذا استحالت مساواته في المقدور، لان من لا يساويه أحد في المقدور فهو أعلى في المقدور، كأنه قال: تعالى مقدوره إلى ما يستحيل أن يكون أعلى منه. وقال الحسن: المتعالي عما يقول المشركون فيه.
قوله تعالى:
(سواء منكم من أسر القول ومن جهر به ومن هو مستخف بالليل وسارب بالنهار) (11) آية بلا خلاف.
معنى الآية ان الله تعالى الذي وصف نفسه بأنه الكبير المتعالي على غيره بسعة قدرته سواء عليه الأشياء في أنه يعلمها على اختلاف حالاتها، وانه يعلم الانسان