الأضياف بلوط، جاؤوا إليه مستبشرين فرحين، يقال استبشر استبشارا وأبشر إبشارا، بمعنى واحد وضده اكتأب اكتابأ. وإنما فرحوا طمعا في أن ينالوا الفجور منهم، فقال لهم لوط " إن هؤلاء ضيفي فلا تفضحون " فيهم، والفضيحة ظهور السيئة التي يلزم العار بها عند من عملها، يقال: فضحه يفضحه فضيحة، وأفتضح افتضاحا وتفاضحوا تفاضحا. ثم قال لهم " اتقوا الله " باجتناب معاصيه، وفعل طاعته، " ولا تحزون " والخري الانقماع بالعيب الذي يستحيا يقال منه: خزي خزيا، وأخزاه الله إخزاء. والاخزاء والاذلال والإهانة نظائر. وللضيف ذمام كانت العرب تراعيه، وتحافظ عليه، وتعيب من عنده ضيف ولم يقم بحقه، فلذلك قال لهم " ان هؤلاء ضيفي "، فقالوا له في الجواب عن ذلك أوليس نهيناك أن تستضيف أحدا من جملة الخلائق أو تنزله عندك، فقال لهم عند ذلك " هؤلاء " وأشار إلى بناته. وقيل أنهن كن بناته لصلبه، وقيل انهن كن بنات قومه عرضهن عليهم بالترويج والاستغناء بهن عن الذكران. وقال الحسن، وقتادة: أراد " هؤلاء بناتي " فتزوجوهن " إن كنتم فاعلين " كناية عن طلب الجماع. وقال الجبائي: ذلك للرؤساء الذين يكفون الاتباع، وقد كان يجوز في تلك الشريعة تزويج المؤمنة بالكافر، وقد كان في صدر شريعتنا جائزا أيضا، ثم حرم. وهو قول الحسن. وقال الزجاج: أراد نساء أمته، فهم بناته في الحكم، قال الجبائي:
وهذا القول كان من لوط لقومه قبل ان يعلم أنهم ملائكة لا يحتاج إلى هذا القول لقومه.
قوله تعالى:
(لعمرك إنهم لفي سكرتهم يعمهون (72) فأخذتهم الصيحة مشرقين (73) فجعلنا عاليها سافلها وأمطرنا عليهم حجارة من سجيل (74) إن في ذلك لآيات للمتوسمين (75) وإنها لبسبيل مقيم (76) إن في ذلك لآية للمؤمنين (77) وإن كان أصحاب