وقوله " ان الحكم إلا لله " معناه ليس الحكم إلا لله فيما فعله أو أمر به، والحكم فصل المعنى بما تدعو إليه الحكمة من صواب أو خطأ. والامر قول القائل لمن دونه (افعل) والصحيح انه يقتضي الايجاب. وقوله " امر ان لا تعبدوا إلا إياه " معناه أمر أن تعبدوه، وكره منكم عبادة غيره، لان الامر لا يتعلق بأن لا يكون الشئ، لأنه إنما يكون أمرا بإرادة المأمور والإرادة لا تتعلق الا بحدوث الشئ.
وقوله " وذلك الدين القيم " معناه ان الذي أمر به من عبادته وحده، وان لا يشرك به شئ هو " الدين القيم " المستقيم الصواب، ولكن أكثر الناس لا يعلمون صحة ما أقوله، لعدولهم عن الحق، والنظر والاستدلال.
قوله تعالى:
(يا صاحبي السجن أما أحد كما فيسقي ربه خمرا وأما الآخر فيصلب فتأكل الطير من رأسه قضي الامر الذي فيه تستفتيان) (41) آية بلا خلاف.
في هذه الآية اخبار عما أجاب به يوسف للفتيين في تأويل رؤياهما حين راجعاه في معرفته، فقال " يا صاحبي اما أحد كما فيسقي ربه خمرا " يعني سيده، ومالكه، لأنه كان صاحب شرابه، واجري عليه صفة الرب، لأنه مضاف، كما يقال رب الدار، والضيعة. و " اما الآخر فيصلب فتأكل الطير من رأسه " فروي ان صاحب الصلب، قال ما رأيت شيئا، فقال له قضي الامر الذي فيه تستفتيان.
وهذا يدل على أنه كان ذلك بوحي من الله ولفظ أحد لواحد من المضاف إليه مما له مثل صفة المضاف في الافراد نحو أحد الانسانين، واحد الدرهمين، فهو إنسان ودرهم لا محالة. والبعض يحتمل أن يكون لاثنين فصاعدا، ولذلك إذا قال جاءني أحد الرجال، فهم منه إنه جاءه واحد منهم. وإذا قال جاءني بعض الرجال جاز أن يكون أكثر من واحد. والاستفتاء طلب الفتيا. والفتيا جواب بحكم