ويجوز أن يشهد الانسان بما علمه من جهة الدليل كشهادتنا بأن لا إله إلا الله وأن محمدا رسول الله.
وقال الرماني: علم الغيب هو علم من لو شاهد الشئ لشاهده بنفسه لا بأمر يستفيده. والعالم بهذا المعنى هو الله وحده تعالى.
وقيل في معنى قوله " وما كنا للغيب حافظين " قولان:
أحدهما - ما كنا نشعر ان ابنك سيسرق، في قول الحسن ومجاهد وقتادة:
والثاني - انا لا ندري باطن الامر في السرقة، وهو الأقوى. وروي عن ابن عباس وقراءة الكسائي في رواية قتيبة عنه " سرق " بتشديد الراء على ما لم يسم فاعله، ومعناه انه قذف بالسرقة، واختار الجبائي هذه القراءة. قال لأنها ابعد من أن يكونوا أخبروا بما لم يعلموا.
قوله تعالى:
(وسئل القرية التي كنا فيها والعير التي أقبلنا فيها وإنا لصادقون) (82) آية بلا خلاف.
هذا حكاية ما قال اخوة يوسف ليعقوب أبيهم حين رجعوا إليه وحكوا له ما جرى، فقالوا له سل أهل القرية التي كنا فيها، وأهل العير التي اقبلنا فيها عما أخبرناك به " وانا لصادقون " فيما أخبرناك به، وحذف المضاف الذي هو الأصل، واقام المضاف إليه - من القرية والعير - مقامه اختصارا لدلالة الكلام عليه.
والمراد بالقرية - ههنا - مصر، في قول ابن عباس والحسن وقتادة. وكل أرض جامعة لمساكن كثيرة بحدود فاصلة تسمى - في اللغة - قرية، وأصلها من قريت الماء اي جمعته، والقرية والبلدة والمدينة نظائر في اللغة. وإنما أرادوا بذلك أن من سألت من أهلها أخبروك بما ظهر في هذه القصة. وانا ما كذبناك.