وجريه، وهذا عند إذابته بالنار وهو وسخه وخبثه، فالحق ثابت كالماء الذي يبقي في الأرض ينبت به الزرع والشجر وكالجواهر التي في أيدي الناس تصبر على النار، فلا تبطل فينتفعون بها. والباطل كزبد هذين يذهب، لا منفعة فيه بعد ان يرى له حركة واضطراب. وفي ذلك تنبيه لمن تقدم ذكره من المشركين الذين سألوا الآيات على سبيل التكذيب والعناد.
قوله تعالى:
(للذين استجابوا لربهم الحسنى والذين لم يستجيبوا له لو أن لهم ما في الأرض جميعا ومثله معه لافتدوا به أولئك لهم سوء الحساب ومأواهم جهنم وبئس المهاد) (20) آية بلا خلاف.
أخبر الله تعالى في هذه الآية ان الذين يجيبون دعاء الله إلى طريق التوحيد والعمل بشريعته وتصديق نبيه ويطلبون مرضاته في فعل ما دعاهم إليه، لهم الحسني، وهي المنفعة العظمى في الحسن، وقال المفسرون: أراد بالحسنى الجنة والخلود في نعيمها. وان الذين لم يجيبوا دعاءه ولم يقروا بنبيه ولم يعملوا بما دعاهم إليه " لو أن لهم ما في الأرض جميعا " ملكا لهم ويضيفوا إليه مثله في الكثرة لافتدوا بجميع ذلك أنفسهم من عذاب النار وطلبوا به الخلاص منه، لو قبل ذلك منهم.
والافتداء جعل أحد الشيئين بدلا من الآخر على وجه الاتقاء به، فهؤلاء لا يقيهم من عذاب الله شئ - نعوذ بالله منه - ثم أخبر تعالى ان لهؤلاء سوء الحساب.
وقيل في معناه قولان:
قال إبراهيم النخعي: ان سوء الحساب هو مؤاخذة العبد بذنبه لا يغفر له شئ منه.
تفسر التبيان ج 6 - م 16