إلى الماء، وهو بعيد منه من غير أن يتناوله ويدعوه إلى فمه، فان ذلك لا يصل إليه أبدا.
قوله تعالى:
(ولله يسجد من في السماوات والأرض طوعا وكرها وظلالهم بالغدو والآصال) (16) آية بلا خلاف.
أخبر الله تعالى ان جميع من في السماوات والأرض يسجدون له إما طوعا منهم أو كرها. وقيل في معنى ذلك ثلاثة أقوال:
أحدها - قال الحسن وقتادة وابن زيد: ان المؤمن يسجد طوعا، والكافر يسجد كرها بالسيف، ويكون المعنى على هذا إن السجود واجب لله، فالمؤمن يفعله طوعا والكافر يؤخذ بالسجود كرها اي هذا الحكم في وجوب السجود لله الثاني - ان المؤمن يسجد لله طوعا، والكافر في حكم الساجد كرها بما فيه من الحاجة إليه، والذلة التي تدعو إلى الخضوع لله تعالى.
الثالث - قال أبو علي: سجود الكره بالتذليل للتصريف من عافية إلى مرض، وغنى إلى فقر وحياة إلى موت كتذليل الاكم للحوافر في قول الشاعر:
ترى الاكم فيها سجدا للحوافر (1) وقال الزجاج: يجوز أن يكون المعنى إن فيمن سجد لله من يسهل ذلك عليه وفيهم من يشق عليه فيكرهه، كما قال " حملته أمه كرها وضعته كرها " (2).
وقوله " وظلالهم بالغدو والآصال " أي وتسجد ظلالهم. وقيل في معناه قولان:
أحدهما - ان سجود الظلال بما فيه من تغير الذلة التي تدعو إلي صانع غير