إليه والتعليم تفهيم الدلالة المؤدية إلى العلم بالمعنى، وقد يكون الاعلام بخلق العلم بالمعنى في القلب.
وقوله " اني تركت ملة قوم لا يؤمنون بالله وهم بالآخرة هم كافرون " اخبار من يوسف أنه إنما علمه الله تعالى تأويل ما سألاه لايمانه بالله وحده لا شريك له وعدوله عن ملة الكفار وجحدهم البعث والنشور والجزاء بالثواب والعقاب، و (هم) الثانية دخلت للتأكيد لأنه لما دخل بينهما قوله " وبالآخرة " صارت الأولى كالملغاة، وصار الاعتماد على الثانية، كما قال " وهم بالآخرة هم يوقنون " (1) وكما قال " أيعدكم انكم إذا متم وكنتم ترابا وعظاما انكم مخرجون " (2) قوله تعالى:
(واتبعت ملة آبائي إبراهيم وإسحق ويعقوب ما كان لنا أن نشرك بالله من شئ ذلك من فضل الله علينا وعلى الناس ولكن أكثر الناس لا يشكرن) (38) آية بلا خلاف.
في هذه الآية أخبار عن يوسف أنه قال لهما: إني في ترك اتباع ملة الكفار وجحدهم البعث والنشور وفي إيماني بالله وتوحيدي له اتبعت ملة آبائي إبراهيم وإسحاق ويعقوب، فالاتباع اقتفاء الأثر وهو طلب اللحاق بالأول، فاتباع المحق بالقصد إلى موافقته من أجل دعائه. والملة مذهب جماعة يحمي بعضها بعضا في الديانة، واصله الحمى من المليلة وهي حمى ما يلحق الانسان دون الحمى. والآباء جمع أب وهو الذي يكون منه نطفة الولد، والام الأنثى التي يكون منها الولد والجد أب بواسطة، ولا يطلق عليه صفة أب، وإنما يجوز ذلك بقرينة تدل على أنه أب بواسطة الابن، وجد الأب أب بواسطتين.