التلذذ والتنعم بالأموال والنعم التي أعطاهم الله إياها، وقضوا الشهوات وذلك من الحرام. وبين انهم كانوا بذلك مجرمين عاصين الله تعالى.
وقال الفراء والزجاج: ان قوله " الا قليلا " استثناء منقطع، لأنه ايجاب لما تقدم فيه صيغة النفي وإنما تقدم تهجين لمخرج السؤال، ولو رفع لجاز في الكلام.
ومعنى " أترفوا فيه " اي عودوا الترفة بالتنعيم واللذة، وذلك أن الترفة عادة النعمة قال الشاعر:
يهدي رؤس المترفين الصداد * إلى أمير المؤمنين الممتاد (1) اي المسؤول، وأبطر بهم النعمة حتى طغوا وبغوا، وفي الآية دلالة على وجوب النهي عن المنكر، لأنه تعالى ذمهم بترك النهي عن الفساد، وانه نجا القليل بنهيهم عنه، فلو نهى الكثير كما نهى القليل لما أهلكوا، ومعنى " أولوا بقية " أصحاب جماعة تبقى من نسلهم، والبقية ممدوحة يقال في فلان بقية أي فيه فضل وخير، كأنه قيل بقية خير من الخير الماضي.
قوله تعالى:
(وما كان ربك ليهلك القرى بظلم وأهلها مصلحون) (118) آية بلا خلاف.
وأخبر الله تعالى انه لم يهلك أهل قرية فيما مضى، ممن ذكر إهلاكهم مع أن أهلها أو أكثرهم يفعلون الصلاح، وإنما أهلكهم إذا أفسدوا كلهم أو أكثرهم والاصلاح فعل الصلاح. وقوله " بظلم " فيه ثلاثة أوجه: أولها بظلم صغير، فيكون منهم لأنه يقع مكفرا بما معهم من الثواب الكثير.