قوله تعالى:
(فلما دخلوا على يوسف آوى إليه أبويه وقال ادخلوا مصر إن شاء الله آمنين) (99) آية بلا خلاف.
في الكلام حذف، لان تقديره ان يعقوب وبنيه وأهلهم رحلوا إلى يوسف، فلما وصلوا إليه ودخلوا عليه " آوى إليه أبويه " يعنى أباه يعقوب وأمه، فثني على لفظ الأب تغليبا للذكر على الأنثى، ولم يثن على لفظ الام، كما غلب المفرد على المضاف في قولهم: سنة العمرين. ومثله قوله " وورثه أبواه " (1) يعني أباه وأمه.
قال الحسن وابن إسحاق والجبائي: كانت أمه بحق، وقال السدي كانت أمه ماتت وتزوج يعقوب أختها، وهي خالة يوسف، فأقامها مقام الام، والأول حقيقة والثاني مجاز. والايواء ضم القريب بالمحبة لصاحبه كضم المأوى بجمع شمله، وإنما قال لهم " ادخلوا مصر " بعد دخولهم عليه، لاميرين:
أحدهما - قال السدي وفرقد السحي: ان يوسف خرج يستقبل يعقوب وخرج معه أهل البلد، فلما رجع قال " ادخلوا مصر إن شاء الله آمنين " وقال آخرون أراد " ادخلوا مصر " مقيمين " إن شاء الله آمنين " والمشيئة هي الإرادة، والامن سكون النفس إلى الامر والخوف انزعاج النفس من الامر. والامن التام الامن من كل جهة، فاما الامن من جهة دون جهة، فهو أمن ناقص.
وفي الناس من قال: ان قوله " إن شاء الله " متعلق بقوله " سأستغفر لكم " إن شاء الله، لأنه كان قاطعا على أنهم يدخلون مصر آمين، وليس يحتاج إلى ذلك لأنه مطابق لقوله " ولا تقولن لشئ إني فاعل ذلك غدا الا ان يشاء الله " (2)