الجبائي " لبإمام " وهو الكتاب السابق الذي هو اللوح المحفوظ، ثابت ذلك فيه ظاهر. والامام - في اللغة - هو المقدم الذي يتبعه من بعده وإنما كانا بإمام مبين، لأنهما على معنى يجب ان يتبع، فيما يقتضيه ويدل عليه، والمبين الظاهر.
وقوله " ولقد كذب أصحاب الحجر المرسلين " اخبار منه تعالى ان أصحاب الحجر، وهي مدينة - في قول ابن شهاب، وسموا أصحاب الحجر، لأنهم كانوا سكانه، كما تقول: أصحاب الصحراء. " كذبوا " أيضا الرسل الذين بعثهم الله إليهم، وجحدوا نبوتهم: وقال قتادة: هم أصحاب الوادي، وهو من الحجر الذي هو الحظر.
وأخبر تعالى انه اتاهم الله الدلالات والمعجزات الدالة على توحيده وصدق أنبيائه، فكانوا يعرضون عنها ولا يستدلون بها، وكانوا ينحتون من الجبال بيوتا ينقرون نقرا يأمنون فيها من الخراب. وقيل آمنين من سقوطها عليهم. وقيل كانوا آمنين من عذاب الله وقيل: من الموت. ونصبه على الحال.
فأخبر تعالى ان هؤلاء " اخذتهم الصيحة مصبحين " اي جاءتهم الصيحة وقت دخولهم في الصباح، ولم يغنهم " ما كانوا يكسبون " من الملاذ القبيحة.
والغنى وجود ما ينتفي به الضرر عنهم قوله تعالى:
(وما خلقنا السماوات والأرض وما بينهما إلا بالحق وإن الساعة لآتية فأفصح الصفح الجميل (85) إن ربك هو الخلاق العليم) (86) آيتان بلا خلاف.
وجه اتصال هذه بما تقدم ذكره هو ان الأمم لما خالفوا الحق أهلكوا، لان الله ما خلق " السماوات والأرض إلا بالحق " وعلى " ان الساعة آتية " للجزاء