اخبر الله تعالى ان في خلق السماوات والأرض آيات، ودلالات كثيرة تدل على أن لها صانعا صنعها، ومدبرا دبرها، وعلى صفاته، وعلمه، وحكمته، وأنه لا يشبه شيئا، ولا يشبهه شئ، وهو ما فيها من تدبير الشمس والقمر والنجوم والجماد والحيوان، وما بينهما من الأشجار والنبات، وغير ذلك من الأمور الظاهرة للحواس المدركة بالعيان. وقال الحسن: من الآيات اهلاك من أهلك من الأمم الماضية، يعرضون عن الاستدلال بها عليه وعلى ما يدلهم عليه من توحيده وحكمته، مع مشاهدتهم لها ومرورهم عليها.
قوله تعالى:
(وما يؤمن أكثرهم بالله إلا وهم مشركون) (106) آية بلا خلاف.
قيل في معنى هذه الآية قولان:
أحدهما - قال الحسن: الآية في أهل الكتاب، لان معهم إيمانا وشركا.
وقال ابن عباس، ومجاهد وقتادة: المعنى " وما يؤمن أكثرهم بالله " في اقراره بأن الله خلقه وخلق السماوات والأرض إلا وهو مشرك بعبادة الأوثان، وهذا هو الأولى، لان التقدير ما يصدقون بعبادة الله إلا وهم يشركون الأوثان معه في العبادة.
وقال الرماني: الآية دالة على أن اليهودي معه إيمان بموسى، وكفر بمحمد، لأنها دلت على أنه قد جمع الكفر والايمان، وانه لا ينافي ان يؤمنوا بالله من وجه ويكفروا به من وجه آخر، كما قال " أفتؤمنون ببعض الكتاب وتكفرون ببعض فما جزاء من يفعل ذلك منكم إلا خزي في الحياة الدنيا ويوم القيامة يردون إلى أشد العذاب " (1).