أن الهمزة بمنزلة الحرف الصحيح، لأنها ليست حرف مد ولين، فجاز ذلك على قلبه لهذه العلة. وقال له حين أواه إلى نفسه " إني انا أخوك " يوسف " فلا تبتئس بما كانوا يعملون " وإنما قال له ذلك، لأنه وإن كان علم أن له أخا من أبيه وأمه إلا أنه لا يعلم أنه هذا، والابتئاس والاكتئاب والاغتمام نظائر، ومعناه اختلاط البؤس بالحزن، وإنما جاز ان يأخذه بالصواع مع تعريفه انه أخوه لامرين:
أحدهما - انه كان بمواطأة منه له.
والثاني - قال وهب بن منيه: انه أراد أنا أخوك مكان أخيك الذي هلك.
والأول أصح.
قوله تعالى:
(فلما جهزهم بجهازهم جعل السقاية في رحل أخيه ثم أذن مؤذن أيتها العير إنكم لسارقون) (70) آية بلا خلاف.
أخبر الله تعالى ان يوسف لما جهز أخوته بجهازهم يعني الطعام الذي اشتروه ليحملوه إلى بلدهم. ومنه جهاز المرأة " جعل السقاية في رحل أخيه " والسقاية المراد بها ههنا صواع الملك الذي كان يشرب فيه. وقيل: كان من فضة. وقال ابن زيد كان كأسا من ذهب. وقيل إنه صير مكيا لا للطعام. والسقاية في الأصل الاناء الذي يسقى فيه، والرحل آلة السفر من وعاء أو مركب، والمراد ههنا وعاء أخيه الذي يحمل فيه طعامه.
وقوله " ثم أذن مؤذن " اي نادى مناد. والايذان الاعلام بقول يسمع بالاذن.
ومثله الاذن، والاذن الاطلاق في الفعل بقول يسمع بالاذن، و (والعير) قافلة الحمير - في قول مجاهد. وقيل هي القافلة التي فيها الاجمال. والأصل الحمير إلا أنه كثر حتى صارت تسمى كل قافلة محملة عيرا تشبيها. وقوله " انكم لسارقون " فالسرقة أخذ الشئ من حرز في خفى بغير حق، إلا أن الشرع قدر أنه لا يتعلق بها القطع