مقدوره ومما سبحه من يسبح بحمده من جهته، معنى صفة في قوله، فهو على العموم في كل شئ.
وقال بعضهم: سل الأرض من شق أنهارك؟ وغرس أشجارك؟ وجنى ثمارك؟ فإن لم تجبك حوارا أجابتك اعتبار.
وقال الحسن: المعنى وإن من شئ من الاحياء إلا يسبح بحمده. وقال علي ابن إبراهيم وغيره من أهل العلم: كل شئ على العموم يسبح بحمده حتى صرير الباب.
وقوله " ولكن لا تفقهون تسبيحهم " اي لستم تفقهون تسبيح هذه الأشياء، من حيث لم تنظروا فيها، فتعلموا كيفية دلالتها على توحيده.
وقوله " إنه " كان حليما غفورا " اي كن حليما حيث لم يعاجلكم بالعقوبة على كفركم، وأمهلكم إلى يوم القيامة، وستره عليكم، لأنه ستار على عباده، غفور لهم إذ تابوا وأنابوا إليه.
وقوله " وإذا قرأت القرآن " خطاب لنبيه محمد صلى الله عليه وسلم انه متى قرأ القرآن " جعلنا بينك " يا محمد " وبين " المشركين " حجابا مستورا " اي كأن بينك وبينهم حجابا من أن يدركوا ما فيه من الحكمة وينتفعوا به. وقيل: " مستورا " عن أبصار الناس. وقيل " مستورا " - ههنا - بمعنى ساترا عن إدراكه، كما يقال: مشؤم عليهم أو ميمون في موضع شائم ويامن، لأنه من شؤمهم ويمنهم.
والأول أظهر وقيل قوله " وجعلنا بينك " وبينهم " حجابا مستورا " نزل في قوم كانوا يأذونه باللسان إذا تلا القرآن، فحال الله بينهم وبينه حتى لا يؤذوه.
والأول - قول قتادة: والثاني - قول أبو علي، والزجاج. وقال الحسن: معناه إن منزلتهم فيما أعرضوا عنه منزلة من بينك وبينه حجاب.
قوله تعالى:
(وجعلنا على قلوبهم أكنة أن يفقهوه وفي آذانهم وقرا وإذا