وقال قوم: معناه صفة " الجنة التي وعد المتقون " صفة جنة تجري من تحتها الأنهار، والجنة البستان الذي يجنه الشجر، والمراد - ههنا - جنة الخلد التي أعدها الله للمتقين جزاء لهم على طاعاتهم وانتهائهم عن معاصيه، والمتقي هو الذي يتقي عقاب الله بفعل الواجبات وترك المقبحات.
وقوله " اكلها دائم " قيل في معناه قولان:
أحدهما - ان ثمارها لا تنقطع، كما تنقطع ثمار الدنيا في غير ازمنتها - في قول الحسن:
الثاني - النعيم به لا ينقطع بموت، ولا بغيره من الآفات.
وقوله " وظلها " اي وظل الجنة دائم أيضا ليس لها حر الشمس ثم اخبر ان ذلك عاقبة الذين اتقوا معاصي الله بفعل طاعاته. وأخبر أن عاقبة الكافرين - الجاحدين لتوحيد الله المنكرين لنعمه - النار، والكون فيها على وجه الدوام نعوذ بالله منها - قوله تعالى:
(والذين اتيناهم الكتاب يفرحون بما أنزل إليك ومن الأحزاب من ينكر بعضه قل إنما أمرت أن أ عبد الله ولا أشرك به إليه أدعو وإليه مآب) (38) آية بلا خلاف.
اخبر الله تعالى في هذه الآية ان الذين آتيناهم الكتاب، ومعناه أعطاهم، " يفرحون بما انزل " على محمد صلى الله عليه وسلم وقال الحسن وقتادة ومجاهد: هم أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم الذين آمنوا به وصدقوه. والأحزاب هم اليهود والنصارى والمجوس.
وقال الجبائي: يجوز ان يعنى بالفرح به اليهود والنصارى، لان ما أتى به مصدق لما معهم، وأما انكار بعضهم، فهو انكار بعض معانيه وما يدل على مصدقه أو يخالف أحكامهم. و (الأحزاب) جمع حزب، وهم الجماعة التي تقوم بالنائبة، يقال تحزب القوم تحزبا وحزبهم الامر يخرجهم إذا نالهم بمكروهه.