أحدهما - العلم بما يعقب من الخير في كل وجه وعادة النفس له.
والثاني - استشعار ما في لزوم الحق من العز والاجر بطاعة الله والصبر مأخوذ من الصبر المر، لأنه تجرع مرارة الحق بحبس النفس عن الخروج إلى المشتهى.
قوله تعالى:
(فلو لا كان من القرون من قبلكم أو لوا بقية ينهون عن الفساد في الأرض إلا قليلا ممن أنجينا منهم واتبع الذين ظلموا ما أترفوا فيه وكانوا مجرمين (117) آية بلا خلاف.
معنى " فلولا كان " هلا كان، ولم لا، وألا كان، ومعناه النفي وتقديره لم يكن من القرون من قبلكم، فهو تعجيب وتوبيخ لهؤلاء الذين سلكوا سبيل من كان قبلهم في الفساد نحو عاد وثمود، وسائر القرون الذين مر ذكرهم في القرآن، وأخبر الله بهلاكها " أولوا بقية ينهون عن الفساد في الأرض " أي كان يجب أن يكون منهم قوم باقون في الأرض ينهون عن الفساد في الأرض مع إنعام الله عليهم بكمال العقل والقدرة، وبعثة الرسل إليهم، وإقامة الحجج. وأولوا بقية هم الباقون، فعجب الله نبيه كيف لم يكن منهم بقية في الأرض يأمرون فيها بالمعروف وينهون فيها عن المنكر، وكيف اجتمعوا على الكفر حتى استأصلهم الله بالعذاب والعقوبات لكفرهم بالله ومعاصيهم له ثم استثنى بقوله " الا قليلا " والمعنى انهم هلكوا جميعا الا قليلا ممن أنجى الله منهم، وهم الذين آمنوا مع الرسل، ونجوا معهم من العذاب الذي نزل بقومهم.
وقوله " واتبع الذين ظلموا ما أترفوا فيه وكانوا مجرمين " معناه أنهم اتبعوا تفسير التبيان ج 6 - م 6