قوله تعالى:
(ثم بدا لهم من بعد ما رأوا الآيات ليسجننه حتى حين) (35) آية بلا خلاف.
أخبر الله تعالى انه ظهر لهم من بعد ما رأوا الآيات، يقال بدا يبدو بدوا، وبدأ والبداء في الرأي التلون فيه، لأنه كلما ظهر رأي مال إليه، وإنما قال " لهم " ولم يقل (لهن) مع تقدم ذكر النسوة، لامرين: أحدهما - قال الحسن انه أراد بذلك الملك. والثاني - انه أراد ذكر الذكور معهن من أعوانها فغلب المذكر، فقال لهم، قال الرماني: وفاعل (بدا) مضمر وتقديره ثم بدا لهم بداء، ودل عليه قوله " ليسجننه ".
والآيات التي رأوها، قال قتادة: هو قد القميص وحز الأيدي وقال غيره:
هو قطع الأيدي والاستعظام، وقد القميص.
وقوله " ليسجننه " إنما هو فعل المذكر كما قال " بدا لهم " ولم نقل (لهن) ودخلت النون الثقيلة جوابا للقسم وليس بفعل المؤنث، ولو كان على صيغة فعل المؤنث قيل (ليسجن) (وليقتلن) ثم تدخل عليها نون التأكيد الشديدة فيصير ليسجنانه كقولك تقتلنانه.
وقوله " حتى حين " ف (حتى) تنصرف على أربعة أوجه، تكون حرف جر، وحرف عطف، وناصبة للفعل، وحرف من حروف الابتداء، فالجارة نحو هذه التي في الآية، والعاطفة كقولهم خرج الناس حتى الأمير، والناصبة كقوله " حتى يأتي وعد الله " (1)، وحرف الابتداء كقولك سرحت القوم حتى زيد مسرح.