يقول الله تعالى " وإما تعرضن " وتقديره، وإن تعرض و (ما) زايدة.
والمعنى: ومتى ما صرفت وجهك عنهم، يعني عن الذين أمروا بإعطائهم حقوقهم ممن تقدم ذكره، لأنه قد تعرض عند عوز ما طلبوه، ليبتغي الفضل من الله، والسعة التي يمكنه معها البذل، والتقدير وإذا أتتك قرابتك أو سواهم من المحتاجين يسألونك فأعرضت عنهم لأنه لا شئ عندك، فقل لهم قولا حسنا، اي عدهم عدة جميلة. والاعراض صرف الوجه عن الشئ، وقد يكون عن قلى وقد يكون للاشتغال بما هو الأولى، وقد يكون لاذلال الجاهل مع صرف الوجه عنه، كما قال " واعرض عن الجاهلين " 1) وقوله " ابتغاء رحمة من ربك ترجوها " والابتغاء الطلب. وقوله " ترجوها معناه تأملها، والرجاء تعلق النفس بطلب الخير ممن يجوز منه، ومن يقدر على كل خير وصرف كل شر، فهو أحق بأن يرجا، ولذلك قال أمير المؤمنين (ع) (ألا لا يرجون أحدكم إلا ربه، ولا يخافن إلا ذنبه).
وقوله: " وقل لهم قولا ميسورا " المعنى إذا أعرضت ابتغاء رزق من ربك، فقل لهم قولا لينا سهلا، مثل: زقنا الله تعالى، وهو قول الحسن ومجاهد وإبراهيم وغيرهم. وقال ابن زيد: تعرض عنهم إذا خشيت أن ينفقوا بالعطية على معاصي الله، فيكون تبتغي رحمة من الله لهم بالتوبة، وأصل التيسير التسهيل، واليسر خلاف العسر، وقد يكون التيسير بالتقليل، فيسهل عليه لقلته، ويكون بمنزلة المعونة على عمله.
ثم قال تعالى " ولا تجعل يدك مغلولة إلى عنقك " أي لا تكن ممن لا يعطي شيئا ولا يهب، فتكون بمنزلة من يده مغلولة إلى عنقه، لا يقدر على الاعطاء وذلك مبالغة في النهي عن الشح والامساك " ولا تبسطها كل البسط " أي ولا تعط أيضا جميع ما عندك، فتكون بمنزلة من بسط يده حتى لا يستقر فيها شئ وذلك كناية عن الاسراف. وقوله " فتقعد ملوما محسورا " معناه إن أمسكت