وقوله " فلبث في السجن بضع سنين " فاللبث في المكان هو الكون فيه على طول من الزمان، واللبث والثبوت والسكون نظائر. والبضع قطعة من الدهر.
وقيل البضع من الثلث إلى العشر - في قول ابن عباس - وقال قتادة ومجاهد إلى التسع وقال وهب: إلى سبع سنين. والسنة إثنا عشر شهرا ويجمع سنين وسنوات.
قوله تعالى:
(وقال الملك إني أرى سبع بقرات سمان يأكلهن سبع عجاف وسبع سنبلات خضر وأخر يابسات يا أيها الملا أفتوني في رؤياي إن كنتم للرؤيا تعبرون) (43) آية بلا خلاف.
حكى الله تعالى في هذه الآية: إن الملك الذي كان يوسف في حبسه، وكان ملك مصر فيما روي، قال إنه رأى في المنام " سبع بقرات سمان يأكلهن سبع عجاف " يعنى مهازيل " وسبع سنبلات خضر وأخر يابسات " ثم أقبل على قومه، فقال " يا أيها الملا " اي يا أيها الاشراف والعظماء الذين يرجع إليهم " أفتوني في رؤياي ان كنتم " تعبرون الرؤيا، وتدعون العلم بتأويلها، والملك القادر الواسع المقدور الذي إليه السياسة والتدبير.
والرؤيا تخيل النفس للمعنى في المنام حتى كأنه يرى، ويجوز فيها الهمزة وتركها. والبقرات جمع بقرة والسمن زيادة في البدن من الشحم واللحم وهو على الشحم أغلب، والعجف يبس الهزال يقال: عجف يعجف عجفا، فهو أعجف.
والأنثى عجفاء، والجمع عجاف، وسنبلات جمع سنبل، والعبارة: نقل معنى التأويل إلى نفس السائل بالتفسير، وهي من عبور النهر وغيره، ومنه المعبر والعبارة، وإنما دخلت اللام في قوله " للرؤيا " مع أن الفعل يتعدى بنفسه، لأنه تفسير التبيان ج 6 - م 10