سقوف البيوت " ثم كلي من كل الثمرات فاسلكي سبل ربك ذللا " معناه انه تعالى ألهمها أيضا أن تأكل من الثمرات وسائر الأشجار التي تحويها، والذلل جمع ذلول، وهي الطرق الموطأة للسلوك. وقيل: طرق لا يتوعر عليها سلوكها عن مجاهد. وقال قتادة: معنى " ذللا " اي مطيعة، ويكون من صفة النحل.
وقال غيره: هو من صفات الطريق ومعنى " ذللا " إنه قد ذللها لك وسهل عليك سلوكها وفي ذلك أعظم العبر واظهر الدلالة على توحيده تعالى وأنه لا يقدر عليه سواه.
ثم قال " يخرج من بطونها " يعني بطون النحل " شراب مختلف ألوانه " من أصفر وأبيض وأحمر، مع أنها تأكل الحامض والمر فيحيله الله عسلا حلوا لذيذا " فيه شفاء للناس " لما شفائها فيه، وأكثر المفسرين على أن (الهاء) راجعة إلى العسل، وهو الشراب الذي ذكره، وأن فيه شفاء من كثير من الأمراض، وفيه منافع جمة. وقال مجاهد (الهاء) راجعة إلي القرآن " وفيه شفاء للناس "، لما فيه من بيان الحلال، والحرام، والفتيا، والاحكام، والأول أوثق.
ثم اخبر تعالى ان فيما ذكره آيات واضحات، ودلالات بينات، لمن يتفكر فيه ويهتدي بهديه، وإنما قال " من بطونها " وهو خارج من فيها، لان العسل يخلقه الله في بطون النحل ويخرجه إلى فيه. ثم يخرجه من فيه، ولو قال: من فيها لظن أنها تلقيه من فيها، وليس بخارج من البطن.
قوله تعالى:
(والله خلقكم ثم يتوفاكم ومنكم من يرد إلى أرذل العمر لكي لا يعلم بعد علم شيئا إن الله عليم قدير) (70) آية بلا خلاف.
هذه الآية فيها تعديد لنعم الله تعالى على عباده، شيئا بعد شئ، ليشكروه عليها، وبحسبها يقول الله: إني أنا الذي خلقتكم وأخرجتكم من العدم إلى الوجود