وقرئ " من كل ما سألتموه " بالتنوين، قال الفراء: كأنهم ذهبوا إلى أنا لم نسأله تعالى شمسا ولا قمرا ولا كثيرا من نعمه فكأنه قال: وآتاكم من كل ما لم سألتموه، والأول أعجب إلي، لان المعنى آتاكم من كل ما سألتموه لو سألتموه، كأنه قال وآتاكم من كل سؤلكم، كما تقول: والله لأعطينك سؤلك ما بلغته مسألتك وان لم تسأل. قال المبرد: يريد ما يخطر ببالك، ومن أضاف جعل (ما) في موضع نصب، وهي بمعني الذي. ومن نون جعلها نافية. قوله تعالى:
(وإذ قال إبراهيم رب اجعل هذا البلد امنا واجنبني وبني أن نعبد الأصنام (35) رب إنهن أضللن كثيرا من الناس فمن تبعني فإنه مني ومن عصاني فإنك غفور رحيم) (36) آيتان بلا خلاف.
يقول الله تعالى لنبيه صلى الله عليه وسلم اذكر " إذ قال إبراهيم " يا " رب اجعل هذا البلد " يعني مكة وما حولها من الحرم " آمنا " يعني يأمن الناس فيه على نفوسهم وأموالهم. (والامن) سكون النفس إلى زوال الضرر، وهو نقيض الخوف، ومثله الطمأنينة إلى الامر.
وقوله " واجنبني " اي اصرفني عنه، جنبته أوجنبه، جنبا وجنبته الشر تجنيبا، وأجنبته اجتنابا، قال الشاعر:
وتنقض عهده شفقا عليه * وتجنبه قلايصنا الصعابا (1) " واجنبني " اي واصرفني " وبني ان نعبد الأصنام " اي جنبنا عبادة الأصنام بلطف من ألطافك الذي نختار عنده الامتناع من عبادتها. ودعاء الأنبياء