ووجه تسخير الشمس والقمر والليل والنهار، ان الليل والنهار إنما يكون بطلوع الشمس وغروبها، فما بين غروب الشم إلى طلوع الفجر، وهو غياب ضوء الشمس، فهو ليل. وما بين طلوع الفجر إلى غروب الشمس، فهو نهار، فالله تعالى سخر الشمس على هذا التقدير لا تختلف، لمنافع خلقه ومصالحهم وليستدلوا بذلك على أن المسخر لذلك والمقدر له حكيم ثم بين ان في ذلك التسخير لدلالات لقوم يعقلون عن الله ويتبينون مواضع الاستدلال بادلته.
وقوله " وما ذرأ لكم في الأرض مختلفا ألوانه " معنى (ما) الذي وموضعه النصب والتقدير وخلق لكم (ما).
أخبر الله تعالى ان الذي خلقه وأظهره من الأجسام المختلفة الألوان ان في ذلك دلالة لقوم يذكرون وأصله يتذكرون، فادغت التاء في الذال. والذرء إظهار الشئ بإيجاده ذرأه يذرؤه ذرءا. وذرأه، وفطره، وانشاءه نظائر. وملح ذرءاني ظاهر البياض والاختلاف هو الامتناع من أن يسد أحد الشيئين مسد الآخر ونقيضه الاتفاق. قال قتادة: قوله " وما ذرأ لكم في الأرض " معناه خلق لكم " مختلفا ألوانه " من الدواب والشجر والثمار، نعما ظاهرة فاشكروها لله، قال المؤرج: ذرأ بمعنى خلق بلغة قريش.
قوله تعالى:
(وهو الذي سخر البحر لتأكلوا منه لحما طريا وتستخرجوا منه حلية تلبسونها وترى الفلك مواخر فيه ولتبتغوا من فضله ولعلكم تشكرون (14) وألقى في الأرض رواسي أن تميد بكم وأنهارا وسبلا لعلكم تهتدون (15) وعلامات وبالنجم هم يهتدون) (16) ثلاث آيات بلا خلاف.
وهذا تعداد لنوع آخر من نعمه، فقال " وهو الذي سخر البحر " أي ذلله لكم