والهاء في قوله " انا أنزلناه " كناية عن الكتاب الذي تقدم ذكره. قال الزجاج: ويجوز أن يكون المعنى إنا أنزلنا خبر يوسف، وقصته، لان علماء اليهود، قالوا لكبراء المشركين: سلوا محمدا صلى الله عليه وسلم لم انتقل يعقوب من الشام إلى مصر، وعن قصة يوسف، فأنزل الله الآية ودليله قوله " لقد كان في يوسف واخوته آيات للسائلين.
قوله تعالى:
(نحن نقص عليك أحسن القصص بما أوحينا إليك هذا القرآن وإن كنت من قبله لمن الغافلين) (3) آية بلا خلاف.
أخبر الله انه يقص على نبيه أحسن القصص، و (القصص) يتعدى بحرف الجر في عليك لان معناه يتلو بعض الحديث بعضا، ولو قال: نخبرك، لتعدى بنفسه وقوله " أحسن القصص " يدل على أن الحسن يتفاضل ويتعاظم، لان لفظ أفعل حقيقتها ذلك، وإنما يتعاظم بكثرة استحقاق المدح عليه.
وقوله " بما أوحينا إليك هذا القران " دخلت الباء في بما أوحينا، لتبيين أن القصص يكون قرآنا وغير قرآن، والقصص - ههنا - بالوحي: القرآن كأنه قال أوحينا إليك هذا القرآن، ونصب القرآن بايقاع الوحي عليه، وكان يجوز فيه الجر على البدل من (ما) والرفع على أن يكون جواب (ما) (هذا) في قول الزجاج، ولم يقرأ بغير النصب.
وقوله " وان كنت من قبله لمن الغافلين " بمعنى كنت يا محمد صلى الله عليه وسلم قبل وحينا إليك غافلا عن الاحكام التي ذكرناها في القرآن حتى أتيناك بها، ودللناك عليها، ولم تكن تهتدي إليها. وقيل معناه من الغافلين عن قصة يوسف وأخوته، حتى أخبرناك بها.