يؤمنوا بالآيات، كما كانت حال من قبلهم حين جاءتهم الآيات التي طلبوا، فلم يؤمنوا. ومعنى " وما كانوا إذا منظرين " أنه إن نزل عليهم الملائكة ولم يؤمنوا لم ينظرهم الله، بل كان يعاجلهم العقوبة. وقوله " انا نحن نزلنا الذكر " يعنى القرآن في - قول الحسن والضحاك، وغيرهم - " وانا له لحافظون " قال قتادة:
لحافظون من الزيادة والنقصان. ومثله قوله " لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه " (1) وقال الحسن: لحافظون حتى نجزي به يوم القيامة اي لقيام الحجة به على الجماعة من كل من لزمته دعوة النبي صلى الله عليه وسلم.
وقال الفراء: الهاء في قوله " وانا له لحافظون " يجوز أن تكون كناية عن النبي، فكأنه قال: انا نحن نزلنا القرآن وانا لمحمد لحافظون، وقال الجبائي:
معناه وانا له لحافظون من أن تناله أيدي المشركين، فيسرعون إلى ابطاله، ومنع المؤمنين من الصلاة به.
وفي هذه الآية دلالة على حدوث القرآن، لان ما يكون منزلا ومحفوظا لا يكون الا محدثا، لان القديم لا يجوز عليه ذلك ولا يحتاج إلى حفظه قوله تعالى:
(ولقد أرسلنا من قبلك في شيع الأولين (10 وما يأتيهم من رسول إلا كانوا به يستهزؤن (11) كذلك نسلكه في قلوب المجرمين (12) لا يؤمنون به وقد خلت سنة الأولين) (13) أربع آيات بلا خلاف.
يقول الله (عز وجل) لنبيه محمد صلى الله عليه وسلم تسلية له عن كفر قومه " لقد أرسلنا من قبلك في شيع الأولين " قال ابن عباس وقتادة: شيع الأمم واحدهم شيعة لمتابعة بعضهم بعضا في الأحوال التي يجتمعون عليها في الزمن الواحد من مملكة