قلنا: لأنه صاحب معجزة، وقد اختير للهداية والمصلحة، فصارت حاله بذلك مقاربة لحال الملك، وليس كذلك غيره من الأمة، مع أن الجماعة الكثيرة ينبغي ان يتخير لها ما تجتمع عليه هممها بما لا يحتاج إليه في الواحد منا إذا أريد صلاح الجميع. وقيل: لأنهم لا يجوز ان يروا الملك، وهم على هذه الهيئة التي هم بها.
على أنه يلزمهم على الامتناع من اتباع النبي - لأنه بشر مثلهم - الامتناع من اتباع الملك، لأنه عبد ومحدث مثلهم في العبودية والحدوث، فان جاز ذلك، لان الله تعالى عظمه وشرفه واختاره، جاز أيضا في البشر لمثل هذه العلة.
ثم قال لنبيه صلى الله عليه وسلم " قل " لهم " لو كان في الأرض ملائكة يمشون مطمئنين " قال الحسن معنى " مطمئنين " قاطنين فيها. وقال الجبائي: " مطمئنين " عن امر الله تعالى الذي يلزم بالاعراض عنه الذم، كما قال تعالى " ولكنه أخلد إلى الأرض واتبع هواه " (1). ثم قال له " قل " لهم كفى بالله، أي حسبي الله شهيدا وعالما بيني وبينكم " انه كان بعباده خبيرا بصيرا " أي عالما بكم وبي، مدرك لنا. ونصب " شهيدا " على التمييز، وتقديره حسبي الله من الشهداء، ويجوز أن يكون نصبا على الحال، وتقديره كفى الله في حال شهادته. وإنما قال هذا جوابا لهم حين قالوا: من يشهد لك بأنك رسول الله؟ فقال الله له " قل كفى بالله شهيدا ".
قوله تعالى:
(ومن يهد الله فهو المهتد ومن يضلل فلن تجد لهم أولياء من دونه ونحشرهم يوم القيمة على وجوههم عميا وبكما وصما مأواهم جهنم كلما خبت زدناهم سعيرا (97) ذلك جزاؤهم بأنهم كفروا بآياتنا وقالوا أإذا كنا عظاما ورفاتا أإنا لمبعوثون خلقا جديدا (98) أو لم يروا أن الله الذي خلق السماوات والأرض