وما هو بميت ومن ورائه عذاب غليظ (17) مثل الذين كفروا بربهم أعمالهم كرماد اشتدت به الريح في يوم عاصف لا يقدرون مما كسبوا على شئ ذلك هو الضلال البعيد) (18) آيتان بلا خلاف.
قوله " يتجرعه " معناه يشرب ذلك الصديد جرعة جرعة، يقال: تجرع تجرعا، وجرعه يجرعه جرعا، والتجرع تناول المشروب جرعة جرعة على الاستمرار.
وقوله " ولا يكاد يسيغه " أي لا يقاربه، وإنما يضطر إليه. قال الفراء:
(لا يكاد) يستعمل فيما يقع وفيما لا يقع، فيما يقع هو هذا، وما لم يقع مثل قوله " لم يكد يراها " (1) لان المعنى لم يرها. والإساغة إجراء الشراب في الحلق على تقبل النفس، وهذا يضطر إليه، فلذلك قال " ولا يكاد يسغيه " والمعنى فلا يقارب ان يشربه تكرها، وهو يشربه، تقول: ساغ يسوغ الشئ وأسغته أنا. وروي عن النبي صلى الله عليه وآله أنه قال: (ما يتجرعه يقرب إليه فيتكرهه، فإذا أدني منه شوي وجهه ووقعت فروة رأسه فإذا شربه قطع أمعاءه حتى يخرج من دبره) كما قال " وسقوا ماء حميما فقطع أمعاءهم " (2) وقال " وان يستغيثوا يغاثوا بماء كالمهل يشوي الوجوه بئس الشراب " (3) وقوله " ويأتيه الموت من كل مكان " قيل في معناه قولان:
أحدهما - قال ابن عباس والجبائي: من كل جهة، من عن يمينه وشماله ومن فوقه وتحته ومن قدامه وخلفه. وقال إبراهيم التيمي وابن جريج: معناه " من كل مكان " من جسده حتى من أطراف شعره " وما هو بميت " اي انه مع