قوله تعالى:
(ولا تقربوا مال اليتيم إلا بالتي هي أحسن حتى يبلغ أشده وأوفوا بالعهد إن العهد كان مسؤولا (34) وأوفوا الكيل إذا كلتم وزنوا بالقسطاس المستقيم ذلك خير وأحسن تأويلا (35) ولا تقف ما ليس لك به علم إن السمع والبصر والفؤاد كل أولئك كان عنه مسؤولا) (36) ثلاث آيات قرأ أهل الكوفة إلا أبا بكر عن عاصم " بالقسطاس " بكسر القاف. الباقون بالضم، وهما لغتان. وقال الزجاج: القسطاس هو الميزان صغر أو كبر. وقال الحسن: هو القبان. وقال مجاهد: هو العدل بالرومية وهو القرصطون. وقال قوم: هو الشاهين. وقرأ أبو بكر عن عاصم " بالقصطاس " بالصاد قلبت السين صادا مثل (صراط، وسراط) لقرب مخرجهما.
في الآية الأولى نهي من الله تعالى لجميع المكلفين ان يقربوا مال اليتيم إلا بالتي هي أحسن، وهو ان يحفظوا عليه ويثمروه أو ينفقوا عليه بالمعروف على ما لا يشك انه أصلح له، فأما لغير ذلك، فلا يجوز لاحد التصرف فيه. وإنما خص اليتيم بذلك وإن كان التصرف في مال البالغ بغير اذنه لا يجوز أيضا، لان اليتيم إلى ذلك أحوج والطمع في مثله أكثر.
وقوله " حتى يبلغ أشده قال قوم: حتى يبلغ ثمانية عشرة سنة. وقال آخرون:
حتى يبلغ الحلم. وقال آخرون - وهو الصحيح - حتى يبلغ كما العقل ويؤنس منه الرشد.
وقوله " وأوفوا بالعهد " امر من الله تعالى بالوفاء بالعهود، وهو العقد الذي يقدم للتوثق من الامر، ومتى عقد عاقد على ما لا يجوز، فعليه نقض ذلك العقد