الثاني - قال قتادة انه سألهم: أتعذبون خمسين من المؤمنين ان كانوا؟ قالوا:
لا، ثم نزل إلى عشرة فقالوا: لا.
الثالث - قال أبو علي: جادلهم ليعلم بأي شئ استحقوا عذاب الاستئصال وهل ذلك واقع بهم لا محالة أم على سبيل الإخافة؟ ليرجعوا إلى الطاعة.
قوله تعالى:
(إن إبراهيم لحليم أواه منيب) (75) آية في الكوفي والمدني وهذا آخر الآية مع الأولى في البصري.
هذا إخبار من الله تعالى عن حال إبراهيم، وصفه بأنه كان اواها. وقيل في معناه ثلاثة أقوال:
أحدها - قال الحسن: الأواه الرحيم. وقال مجاهد هو الرجاع، وقال الفراء: هو كثير الدعاء.
وقال قوم: هو المتأوه. وقال قوم: هو الرجاع المتأوه خوفا من العقاب، ولمثل ذلك حصل له الأمان لتمكين الأسباب الصارفة عن العصيان. و (الحليم) هو الذي يمهل صاحب الذنب، فلا يعاجله بالعقوبة.
وقيل: كان إبراهيم ذا احتمال لمن آذاه وخنى عليه لا يتسرع إلى المكافأة، وان قوي عليه. والأناة السكون عند الحال المزعجة عن المبادرة، وكذلك التأني: التسكن عند الحال المزعجة من الغضب، ويوصف الله تعالى بأنه حليم من حيث لا يعاجل العصاة بالعقاب الذي يستحقونه لعلمه بما في العجلة من صفة النقص.
و (المنيب) هو الراجع إلى الطاعة عند الحال الصارفة، ومنه قوله " وأنيبوا إلى ربكم " (1) والتوبة الإنابة، لأنها رجوع إلى حال الطاعة، وكون إبراهيم منيبا.