استطاعة لها على فعل، وان من سوى بينها وبين من خلق ما تقدم ذكره من أنواع النعم وأشرك بينهما في العبادة، كان جاهلا بعيدا عن الصواب عادلا عن طريق الهدى. ويقوي ذلك أنه قال عقيب هذه الآية، " والذين يدعون من دون الله لا يخلقون شيئا وهم يخلقون أموات غير احياء " فعلمنا انه أراد بذلك ما ما قدمنا من اسقاط رأيهم وتسويتهم بين الجماد والحي والفاعل ومن ليس بفاعل، وهذا واضح.
وقوله " وان تعدوا نعمة الله لا تحصوها " قال الحسن: لا تحصوها بأداء حقها وتعظيمها. وقال الجبائي: لا تحصوها مفصلة لكثرتها وإن صح منكم احصاؤها على وجه الجملة.
قوله تعالى:
(والله يعلم ما تسرون وما تعلنون (19) والذين يدعون من دون الله لا يخلقون شيئا وهم يخلقون (20) أموات غير أحياء وما يشعرون أيان يبعثون) (21) ثلاث آيات بلا خلاف.
قرأ يعقوب وحفص ويحيي والعليمي " والذين يدعون " بالياء. الباقون بالتاء، قال أبو علي: هذا كله على الخطاب، لان ما بعده خطاب كقوله بعد " أفلا تذكرون " وقوله " وألقى في الأرض رواسي ان تميد بكم "، " وإلهكم إله واحد " فكل هذا خطاب.
فان قلت: ان فيه " والذين يدعون من دون الله " فإنه لا يكون خطابا للنبي صلى الله عليه وسلم ولا للمسلمين، قيل: التقدير في ذلك قل لهم: والذين تدعون من دون الله، فلا يمتنع الخطاب على هذا الوجه، ولهذا قرأ عاصم بالياء لما كان عنده ذلك اخبارا عن المشركين، ولم يجز أن يكون في الظاهر خطابا للمسلمين.
يقول الله لعباده ان الله الذي يستحق العبادة هو الذي يعلم ما يظهرونه وما