قرأ أهل الكوفة إلا أبا بكر " حافظا " على وزن فاعل. الباقون " حفظا " على المصد ر.
وهذا حكاية ما قال يعقوب لولده حين قالوا له " ارسل معنا أخانا " فإنه قال لهم " هل آمنكم عليه " والامن اطمئنان القلب إلى سلامة الامر يقال: أمنه يأمنه.
أمنا وائتمنه يأتمنه ائتمانا. ومنه قوله " فليؤد الذي اؤتمن أمانته " (1) ثم أخبر تعالى، فقال " فالله خير حافظا " فمن قال على لفظ الفاعل نصبه على الحال. ويحتمل أن يكون نصبه على التمييز، ولم ينصبه على الحال، والحال يدل على أنه تعالى الحافظ.
والتمييز يرجع إلى من يحفظ بأمره من الملائكة وكلا الوجهين أجازهما الزجاج.
ومن قرأ على المصدر نصبه على التمييز لا غير، ولو قرئ (خير حافظ) على الإضافة لدل على أن الموصوف حافظ، وليس كذلك التمييز، وحقيقة (خير من كذا) انه أنفع منه على الاطلاق، وانه لا شئ انفع منه، قال أبو علي الفارسي:
وجه قراءة من قرأ (حفظا) بغير ألف انه قد ثبت من قولهم " ونحفظ أخانا " وقولهم " وانا له لحافظون " انهم أضافوا إلى أنفسهم " حفظا " فالمعنى على الحفظ الذي نسبوه إلى أنفسهم، وإن كان منهم تفريط في حفظ يوسف، كما قال " أين شركائي " (2) ولم يثبت لله شريك، ولكن على معنى الشركاء الذين نسبتموهم إلي، فكذلك المعنى على الحفظ الذي نسبوه إلى أنفسهم، والمعنى " فالله خير حفظا " من حفظكم الذي نسبتموه إلى أنفسكم. ومن قرأ (حفظا) فعلى التمييز دون الحال.
قوله تعالى:
(ولما فتحوا متاعهم وجدوا بضاعتهم ردت إليهم قالوا يا أبانا ما نبغي هذه بضاعتنا ردت إلينا ونمير أهلنا ونحفظ أخانا ونزداد كيل بعير ذلك كيل يسير) (65) آية بلا خلاف.