الفاسد والتبرؤ منه. وإنما يجب الوفاء بالعقد الذي يحسن. وقيل المعنى في الآية أوفوا بالعهد في الوصية بمال اليتيم وغيرها. وقيل كل ما امر الله به ونهى عنه، فهو من العهد، وقد يجب الشئ للنذر، وللعهد، والوعد به، وان لم يجب ابتداء، وإنما يجب عند العقد.
وقوله " ان العهد كان مسؤولا " قيل في معناه قولان:
أحدهما - انه كان مسؤولا عنه للجزاء عليه، فحذف (عنه) لأنه مفهوم والثاني - كأن العهد يسأل فيقال له: لم نقضت؟ كما تسأل الموؤودة بأي ذنب قتلت ثم أمرهم ان يوفوهم الكيل إذا كالوهم، ولا يبخسوهم ولا ينقصوهم، وان يوفوا، بالميزان المستقيم الذي لا غبن فيه، فإن ذلك خير وأحسن تأويلا، اي أحسن عاقبة، وهو ما يرجع إليه امره. ثم نهى نبيه صلى الله عليه وسلم ان يقفو ما ليس له به علم، وهو متوجه إلى جميع المكلفين، ومعناه لا تقل: سمعت، ولم تسمع، ولا رأيت ولا علمت، ولم تر، ولم تعلم - في قول قتادة - واصل القفو اتباع الأثر، ومنه القيافة، وكأنه يتبع قفا الأثر المتقدم قال الشاعر:
ومثل الدمى سم العرانين ساكن * بهن الحيا لا يشعن التقافيا (1) أي التقاذف. وقال أبو عبيد والمبرد: القفو العضيهة، " ولا تقف " بضم القاف وسكون الفاء - من قاف يقوف، ويكون من المقلوب مثل جذب وجبذ.
" ومسؤولا " نصب على أنه خبر كان.
واستدل بهذه الآية، على أنه لا يجوز العمل بالقياس ولا بخبر الواحد، لأنهما لا يوجبان العلم، وقد نهى الله تعالى أن يتبع الانسان ما لا يعلمه. وقوله " ان السمع والبصر والفؤاد كل أولئك كان عنه مسؤولا " أي يسأل عما يفعل بهذه الجوارح من الاستماع لما لا يحل، والابصار لما لا يجوز. والإرادة لما يقبح. وإنما قال " كل أولئك " ولم يقل كل ذلك، لان أولئك وهؤلاء للجمع القليل من المذكر والمؤنث فإذا أراد الكثير جاء بالتأنيث. فقال: هذه وتلك، قال الشاعر: